 

قصة
: نانيس خطاب
رسوم : إياد
عيساوي

امتَطَى "
مَرَوَانُ " حصانَهُ العَرَبِيَّ
الجَميلَ ميراثَهُ عنْ أجْدَادِهِ، فهُوَ
يعتزُّ ويفتخِرُ بِهِ كَثيرًا، ويتجَوَّلُ
بهِ فِي طرقَاتِ المَدِينَةِ سَعِيدًا؛
لكنَّهُ فُوجِئ " بِكُوهِين " يَقْطَعُ
عليه الطَّرِيقَ، ويطلُبُ منهُ أنْ يركبَ
معهُ الحصانَ، رَفَضََ مرَوَانُ
بشدَّةٍ؛ لعِلمِهِ بوَقَاحَة كوهين،
عنْدَ ذلكَ حَاوَل " كُوهين "
بالتَّوَسُّل تَارَةً وبِالإِرهَابِ
تَارَةً أُخْرَى، لكنَّ " مَرَوَان "
أَصَرَّ على الرَّفضِ .
ابتَسَمَ "
كُوهين " ابتسَامَةً خبيثَةً تنُمَّ عنْ
حُدُوثِ جَدِيدٍ؟
نظَرَ "مَرَوَان"
فوجَدَ أصدقَاءَ " كَوهِين "
يتَّجِهُون إليهِ، ومَرَوان وحِيدٌ لا
حَوْلَ له ولا قُوَّة.
فجْأَةً قَالَ
" كُوهِين " بلهْجَةٍ حادَّةٍ
تتقَاذَفُ منْ عَيْنَيْهِ النِّيرَانُ
وَيَسيلُ لُعَابُهُ لرغْبَتِهِ في ركُوبِ
الحصَان: " سَأَرْكَبُ معَكَ الحصَانَ"
قَالَ مروان
مُتلَعْثِمًا: ستركَبُ حصَانِي ولكنْ
بشَرْطٍ، رَدَّ كُوهِين
بابتسَامَةٍ سَاخِرَةٍ
وهُوَ يمتطِي الحصَانَ : سنتَفَاهَمُ في
ذلِكَ فيمَا بعْد، وركَبَ أمَامَ "مَرَوَان".
في الطَّريقِ
قَالَ " كُوهِين " بنَبْرَةٍ لئيمَةٍ:
سأقَعُ، ابتعَدَ قَليلاً
قَالَ
" مَرَوان " في ضيقٍ
وَغَضَبٍ : حسنًا هل َهَذَا يَكْفِى؟!
نظَرَ إلَيهُ نظْرَةً راضيَةً بعضَ الشَّيء
عمَّا حقَّقَهُ منْ مكَاسِبَ، لكنْ عَادَ
يُكِرِّرُ الطَّلبَ بصوْتٍ حَادٍ و"
مروان " ينفِّذُ طلبَهُ حتَّى اشتعَلَ "
مَرَوَان " غيظًا ، وقَالَ بلهْجَةٍ
تَحَدٍّ: لا.. لا.. لا..أنَا لا أَسْتَطِيعُ
الجُلُوسَ الآنَ جيِّدًا
في الطَّريقِ
وجَدَ " مَرَوَان " أصدقَاءَهُ فطار
فَرَحًا ونادَى عليهِم لينقِذُوهُ
مِنْ " كُوهِين"،
وحكى لهُم القِصَّة، ارتَعِدَ " كُوهين
" خوفًا ورعبًا لكنَّ أصدقَاءَ "
مَرَوَان " اكتَفُوا
بتحذيرٍ " كوهين " بالانتِقَامِ منهُ
إنْ فعلَ ذلكَ ثَانِيةً، وجلسُوا
يتجَاذَبُون أطرافَ الحديثِ
فَيَرْثُونَ لحَالِ " مَرَوَان "
مرَّةً ويتوعَّدُون " كوهين " مرَّة
أُخْرَى ويشربُون الشَّايَ.
ابتسم " كوهين
" وَقَالَ بخُبْثٍ: " مروان " ما هُو
الشَّرطُ الذي كنتَ ستشتَرِطُ عَلَيَّ؟
اغرورَقَتْ عينُ "مروان " بالدُّموع
وقال: كنتُ سأشتَرِطُ عليكَ عندمَا آمُرُكَ
بالنُّزول من على حصاني تنزلُ فورًا بدُونِ
جِدَالٍ! ضحكَ " كوهين " وقَالَ
مُتهكِّمًا: أمَّا أنَا فلنْ أطلُبَ منْكَ
النُّزولَ أبدًا يَا صَدِيقِي، أتَرَى
كَرَمِي من كرمِكَ!
بعدَ قَليلٍ
قَالَ " كُوهين ": "
مروان " ابتعد قَليلاً سَأَقَعُ منْ عَلى
الحصَانِ، وقَدْ أصبَحَ "مروان"
يجْلِسُ تقْرِيبًا على ذيْلِ الحصَانِ،
فرفضَ " مروان " بشِدَّةٍ وعنَادٍ
فصَاحَ " كُوهين " وقدْ احمَرَّ وجهُهُ:
كيفَ ترفُضُ؟
أنزل -إذًا- منْ
على حصَانِي ودفعَهُ علَى الأَرْضِ.
قال لهُ "
مَرَوَان " مُتعَجِّبًا: حصَانكَ؟!
قالَ " كُوهين
": نَعَمْ حصَاني وحصَانُ أجدَادِي،
فصَرَخَ " مَرَوَان " مُستَغِيثًا
قَامَتْ
الدُّنيَا وجَاءَ أصدقَاءُ " مروَان "
وأصدِقَاءُ " كُوهِين "، وأبرزُ "مَرَوَان
" أوْرَاقُ ملكيَّة الحصَان وأظهَرَ
المُستَنَدَاتِ والعُقُود والشُّهُود،
وأظْهَرَ " كُوهين " وأصدقاؤه العصي
والحَديدَ والنَّارَ، واختَلِقُوا
الأكَاذِيبَ والشُّهُود، واجْتَمَعَ
النَّاسُ؛ لمَعْرِفَةِ مَاذَا سيَحْدُثُ؟!
قَالَ " كُوهين
" في برُودٍ: أنَا مَالِكُ الحصانِ، وقَدْ
ركَبَ " مَرَوان " مَعِي؛ لتوصيلِهِ
للمَنْزِلِ والدَّليلُ على ذلِكَ أنَّ "
مَرَوَان " كَانَ يَجْلِسُ عَلى ذَيْل
الحصَان تَقْرِيبًا، فإنْ كَانَ ملكُهُ
فلمَّاذا يفعَلَ ذَلِكَ؟
وإنْ كَانَ
ملكُهُ ولمْ يستطِعْ الحفاظَ عليْهِ،
فالحصَانُ للأَقْوَى، حتَّى يستطِيعَ
قيادتَهُ.

وقَالَ بصَوْتٍ
مُرْتَفِعٍ: أيُّهَا النَّاسُ سيظهَرُ
الحَقُّ الآنَ، ووقَفَ بجانبِ الحصَانِ
مبتسِمًا، وأمسَكَ بأُذُنِ الحصانِ، وقال
لَهُ: أنَا صَاحبُك أليْسَ كذَلكَ..؟ فإنْ
لمْ أكنْ صاحبُكَ ومالكُك فَقُلْ: لا، ضحك
وقال: الحمدُ للهِ، الآنَ ظهرَ الحقُّ، هذا
هُو الحصَانُ أمامكُمْ لَمْ يقُلْ: لا.
وإنْ لمْ
تصَدِّقُونِى فاسَألُوا الحصَانَ!.
|