
نسيبة طالب
اسمي جهاد ، وأنا
من فلسطين المحتلة ، انطلقت مع أمي في هذا
الصباح إلى القرية المجاورة لزيارةِ خالتي
بعد أن علمنا بمرضها المفاجئ ، وما كدنا نسير
قليلاً حتى استوقفنا حاجزٌ للعدو الصهيوني
،كان هناك الكثير من الناس الذين ينتظرون أن
يسمح لهم بالمرور .
أمسكت أمي يدي
بحنانٍ وقالت :علينا أن ننتظر يا عزيزي إلى
أن يحين دورنا .
فقلت لها باستياء
: ولكن أمامنا عدد كبير من الناس وبذلك
سنتأخر في الوصول .
فابتسمت لي
مشجعةً وقالت : لا تقلق يا عزيزي ستمر الأمور
بيسرٍ ولن نتأخر إن شاء الله .على كلٍ ليس
أمامنا سوى الانتظار ، وبإذن الله سنمر.
وقالت لنفسها
بصوت شبه مسموع :هذا إن سُمِح لنا بذلك .
رحت أنظر في وجوه
الناس الواقفين أمام الحاجز فرأيت الغضب
بادٍ على وجه بعضهم ، والضيق والحزن على وجه
البعض الآخر .
رأيت طفلين
صغيرين يقفان قرب أمهما وهما يبكيان وقد
أتعبهما طول الانتظار تحت أشعة الشمس
الحارقة .
ورأيت رجلاً
عجوزاً تبدو على وجهه علامات المرض والضعف
وقد وقف بجانبه شابٌ يمسك بيده وينظر إلى
شابٍ آخر كان يخاطب أحد الجنود ، وما لبث
الشاب الثاني أن أقبل تجاههما ونظر إليهما
نظرة امتزج بها الحزن بالغضب.
فقلت لأمي : لابدّ
أنّ ذلك الرجل الكهل مريضاً وأولاده يريدون
اصطحابه إلى المشفى الموجود في البلدة
المجاورة.
- وكم سمعنا عن
مرضى وعجائز ماتوا أمام الحاجز وهم ينتظرون
أن يسمح لهم بالمرور-
نظرت يميناً
فرأيت امرأة تجلس على الأرض وقد كان بطنها
كبيراً وقد جلس إلى
جانبها رجل ينظر إليها بإشفاق .
اعتقد أنه قد
أنهكها طول الوقوف فجلست حتى يحين دورها
بالمرور وعلى الأغلب أنها كانت تريد التوجه
إلى المشفى لتضع مولودها .
تعبتُ من طول
الانتظار فجلست على حجرٍ صغيرٍ كان على حافة
الطريق .
أغمضتُ عيني ورحت
أحلم كم ستكون الحياة أسهل ،وكم سيكون الناس
سعداء بدون الاحتلال وبدون الحواجز.